خرج شاب من بيته ليبحث عن عمل له ، وفي الطريق مر على متجر كبير
و كان في جيبه ستة قروش فقط ، نظر الشاب إلى المتجر فرآه فارغا
من البضاعة ، و وجد صاحب المتجر جالسا خلف مكتبه ،
و أمامه على المكتب ميزان . سأل الشاب التاجر : ماذا تبيع ؟ .
قال التاجر : أبيع كلاماً .
دهش الشاب من التاجر ، وقال في نفسه ساخراً : من الذي بيع الكلام !!؟
يبدو أن هذا التاجر مريض ودفعه حب الإستطلاع أن يسأل التاجر :
أعطني كلمة واحدة .قال التاجر : لا أعطيك كلمة إلا بثمنها .
قال الشاب : وما ثمنها ! ؟ .
قال التاجر : قرشان .
دفع الشاب القرشين إلى التاجر ثمناً للكلمة ؛
فقال التاجر له : { مَن أمّنك لا تخُنه ولو كنت خائناً }.
تفحّص الشاب الكلمة فوجدها حكمة جميلة ،
يستفاد منها الكثير ؛ ثم دفع له أيضاً قرشين آخرين ليحصل على كلمة جديدة
قال له التاجر :
{ اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً }
فهم الشاب معنى هذه الكلمة جيدا وحرص على العمل بها ،
ودفع له آخر قرشين يمتلكهما من أجل كلمة ثالثة
قال التاجر : { ليلة الحظ لا تفوتها }
سمع الشاب الكلمة الثالثة ولكنها لم تعجبه كثيرا ، إلا أنه لم ينسها ،
وقال في نفسه : ربما تشرح لي الأيام معانيها الخفيّة استمر الشاب في طريقه
باحثاً عن عمل له فمر على مصنع كبير كان يملكه أحد الأغنياء ،
طلب من صاحب المصنع العمل عنده فقبل، وبدأ الشاب بالعمل ،
وأحبه صاحب المصنع لحسن خلقه و تفانيه في العمل، ومنحه الثقة
والاحترام كما اعتبره ابناً له فهو لم ينجب أبدا اقترب موسم الحج ،
وطلب صاحب المصنع من الشاب أن يكون بيته أمانة عنده في فترة غيابه
وأن يهتم كثيرا بزوجته و يقضي حاجياتها إلى أن يعود هو من الحج
وفي ليلة كانت زوجة التاجر لوحدها، فأغواها الشيطان، فدعت الشاب للحضور إليها
وطلبت منه أن ينام عندها ، وإلا صرخت بأعلى صوتها وقالت بأنه تهجم عليها ؛
فيكون الحكم عليه بالموت ؛ لأنه اعتدى على سيدة في غياب زوجها ،
ولكن الشاب تذكر النصيحة التي اشتراها بقرشين
{ مَن أمّنك لا تخنه ولو كنت خائناً } كما تذكر النصيحة الأخرى
{ اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً } ،
فطلب من الزوجة أن يدخل الحمام ، و هناك دعا ربه أن يحفظه من شر هذه
المرأة الخائنة .... فنبهه الله إلى ثغرة في الحائط ففرّ منها هارباً
انتهى موسم الحج وعاد صاحب المصنع سالماً ، وأقبل إليه الجميع مهنئين
لكن الشاب لم يذهب. افتقده صاحب المصنع وغضب منه غضبا شديدا ...
و عندما أكثر من السؤال عليه خافت الزوجة أن يفتضح أمرها
فأخبرت زوجها بأن الشاب خان الأمانة و حاول أن يغتصبها ....
فازداد صاحب المصنع غضبا على غضب وأصر على أن ينتقم منه شرّ انتقام ؛
قام باستدعاء الشاب لملاقاته في المصنع آخر الليل و طلب من عماله أن يرموا
في الفرن آخر شخص يدخل عليهم ....
أخبر صاحب المصنع زوجته أن الشاب سيموت الليلة شر موتة ،
فتهيأت الزوجة للتشفي من الشاب .... تنتظر سماع الخبر السعيد بالنسبة إليها
ذهب الشاب حسب الموعد ولكنه وقبل أن يدخل المصنع مرت من أمامه زفة عرس ،
فتذكر الشاب نصيحة التاجر الأخيرة التي لم تعجبه في ذلك الوقت
{ ليلة الحظ لا تفوتها } ،
رافق الشاب موكب الزفة ، واستمر مع الموكب حتى ساعة متأخرة من الليل ،
فبات ليلته هناك وفي آخر الليل ذهبت الزوجة الخائنة إلى المصنع
لكي تعرف ماذا حصل للشاب فقد كانت تنتظر موته شر موتة لتنتقم منه
و تشفي غليلها .كانت هي آخر من دخل المصنع ، نفذ العمال وصية صاحب المصنع
فحملوها وألقوها في الفرن وفي الصباح الباكر حضر الزوج فعلم أن زوجته
هي التي كانت آخر من دخل المصنع فتعجب من ذلك
وأمر بأن يحضر الشاب بين يديه ،
وعندما حضر ووقف أمامه طلب منه أن يحكي له ما حصل بينه وبين زوجته ،
عرف الباشا بالحكاية كاملة وقال للشاب : أنت بريء و لو كنت مذنبا ما كان
الله سبحانه و تعالى أنجاك ، و الخائنة نالت عقابها
و هكذا ظل هذا الشاب مقربا من صاحب المصنع
بل جعله الوارث بعده لكل ما يملك
العبرة
كم مرة يهدينا الناس الكلام الهادف و النصائح الثمينة التي يكمن فيها
نجاحنا و خلاصنا من الشرور مجانا و بغير ثمن.
فهل نعمل بنصائحهم أم نضرب بها عرض الحائط؟
منقوووووووووووول